طريق البؤس بالدراركة… عجزٌ تدبيري يصرخ بصوت الشارع

١٤ نوفمبر ٢٠٢٥

بقلم: أمين الكردودي

لم يعد الحديث عن طريق البؤس بالدراركة ترفًا صحفيًا ولا خطابًا انفعاليًا بل أصبح واجبًا عامًا بعدما تحولت الطريق الرئيسية في هذه الجماعة إلى عنوان واضح لما وصل إليه تدبير الشأن المحلي من ارتباك وعجز وابتعاد خطير عن الأولويات الحقيقية التي ينتظرها المواطن فالمقاطع المصوّرة التي تداولها السكان خلال الأيام الأخيرة لم تترك مجالاً للشك الوضع كارثي بكل المقاييس إنها طريق تُستخدم يوميًا من طرف آلاف المواطنين لكنها لا تستجيب لأبسط شروط السلامة، ولا تليق بجماعة تنتمي إلى واحدة من أكبر وأغنى جهات المملكة. والسؤال الذي يطرحه الرأي العام المحلي اليوم بمرارة: كيف يمكن القبول بهذا الوضع في سنة 2025؟

في دورة ماي 2025 كان المنتظر من المجلس الجماعي أن يضع ملف البنية التحتية المتدهورة على رأس جدول الأعمال باعتباره أولوية قصوى لا يمكن تأجيلها غير أن النقاشات اتجهت نحو قضايا ثانوية مثل برمجة اقتناء شاحنة مجهزة بالأقفاص لجمع الكلاب الضالة وإعداد كناش التحملات لبيع المتلاشيات ومناقشة أثاث إداري مستغنى عنه بينما ما تزال الطريق الرئيسية والمرافق العمومية وملف النقل والإنارة والتجهيزات الأساسية حبيسة الوعود المؤجلة منذ سنوات إن المفارقة الصادمة تكمن في انشغال المجلس بتفاصيل يمكن معالجتها لاحقًا في حين أن البنية التحتية المنعدمة تحاصر السكان يوميًا وتعيق حياتهم وتشكل خطرًا مباشرًا على سلامتهم.

التذمر لم يعد خافياً فالساكنة التي منحت ثقتها للمنتخبين تنتظر اليوم أن ترى ثمار اختيارها وأن تلمس تغييرًا حقيقيًا في واقعها اليومي غير أن الصورة التي تنقلها الطريق الرئيسية بالدراركة تعكس شيئًا آخر؛ خيبة أمل كبيرة وإحساسًا متزايدًا بأن القضايا الأساسية تُترك جانبًا وأن الوعود الانتخابية لم تجد طريقها نحو التنفيذ وتزداد الأسئلة إلحاحًا حول مصير الخطابات التنموية التي تقوم على ربط المسؤولية بالمحاسبة وتعطي الأولوية لمشاريع القرب وتؤكد على تحسين جودة الحياة كما شددت على ذلك مرارًا الخطب الملكية السامية.

وفي ظل هذا الوضع ترتفع أصوات تطالب بتدخل وزارة الداخلية لفتح تحقيق في أسباب هذا التأخر المزمن ولمتابعة الاختلالات المحتملة التي تؤثر على جودة تدبير الشأن المحلي خصوصًا حين يتعلق الأمر بقطاعات حيوية تمس الحياة اليومية للمواطن فلا أحد يطالب بالمستحيل ولا أحد ينكر الصعوبات التي تواجه الجماعات المحلية لكن الحد الأدنى من المرافق الأساسية ليس تفضّلاً بل حقًا يضمنه الدستور وتؤكده التزامات الدولة وينتظره المواطن بوعي ومسؤولية.

إن مشهد الطريق الرئيسية اليوم لا يليق بموقع الدراركة ولا بتاريخها ولا بمحيطها التنموي. فالمنطقة ليست هامشًا ولا استثناءً بل فضاء حضريًا يتوسع بسرعة ويضم كثافة سكانية مهمة ويحتاج إلى مقاربة جديدة تُعيد ترتيب الأولويات وتضع المواطن في قلب القرار الساكنة لم تعد تنتظر خطابًا ولا تسويفًا بل تنتظر طريقًا آمنًا ونقلًا محترمًا ومرافق عمومية وإنارة وبنية تحتية تليق بسنة 2025 ويبقى السؤال الذي يجب أن يُطرح بجرأة ومسؤولية: إلى متى سيظل طريق البؤس شاهدًا على غياب الإرادة الحقيقية في الإصلاح؟