مافيا العقار تلتهم حي تيليلا بأكادير: غياب المراقبة وارتفاع صاروخي للأسعار
بقلم: أمين الكردودي
يعيش حي تيليلا أحد الأحياء الحديثة بمدينة أكادير على وقع أزمة عقارية خانقة تكشف عن وجه جديد لما يمكن تسميته اليوم بمافيا العقار هذه المافيا حولت الحلم بسكن لائق إلى كابوس يثقل كاهل الأسر السوسية ويدق ناقوس الخطر حول غياب التخطيط الحضري المتوازن وضعف الرقابة على المضاربين العقاريين.
رغم أن بعض السماسرة يصفون الحي في إعلاناتهم التجارية بأنه “كاليفورنيا المغرب” فإن الواقع الميداني يعكس مفارقة صادمة: ليس لأن تيليلا ترقى إلى مستوى الرفاه العمراني بل لأن مافيا العقار جعلت منها فعلاً "كاليفورنيا المغرب" من حيث الأسعار فقط. فالأزقة المهترئة وضعف الإنارة العمومية وغياب المرافق الأساسية كالمستوصفات والأسواق النموذجية كلها مظاهر تهميش واضحة تطال الحي وساكنته كما يشكو السكان من انعدام النقل العمومي المنتظم وغياب الفضاءات الترفيهية والمساحات الخضراء ما يجعل الحياة اليومية تحدياً مرهقاً خاصة بالنسبة للأسر المتوسطة الدخل.
في المقابل تشهد السوق العقارية بالمنطقة ارتفاعاً صاروخياً في الأسعار إذ تجاوزت كلفة كراء الشقق المتوسطة 3000 درهم شهرياً فيما قفزت أسعار البيع إلى مستويات غير منطقية لا تعكس لا جودة البناء ولا واقع الخدمات ويتحكم في هذه السوق سماسرة محترفون يتخذون من المنصات الرقمية وعلى رأسها “فيسبوك” وسيلة لبث إعلانات مضللة تسوّق مشاريع عقارية وهمية تحت عناوين براقة وشعارات كاذبة هذه الشبكة الواسعة من الوسطاء أصبحت المتحكم الفعلي في السوق تحدد الأسعار كيفما تشاء وتغلق الباب في وجه الأسر الشابة الباحثة عن سكن لائق بسعر معقول.
في خضم هذا الوضع المقلق يتساءل المواطن السوسي بمرارة: أين هي السلطات المحلية من هذه الفوضى؟ وأين المجالس المنتخبة التي وعدت بتحسين البنية التحتية وتوفير المرافق العمومية؟ بل أين هي مؤسسات حماية المستهلك التي يفترض أن تراقب الأسعار وتحمي المواطنين من الإعلانات التجارية المضللة؟ هذا الصمت المطبق بات يُفهم على أنه شكل من أشكال التواطؤ غير المعلن يكرّس واقعاً عمرانياً هشّاً ويفتح المجال أمام لوبيات العقار لتواصل جشعها دون رقيب أو حسيب.
اليوم يدق سكان حي تيليلا ناقوس الخطر ويطالبون بتدخل عاجل من السلطات الإقليمية والجهوية لوضع حد لهذا الانفلات العقاري وإعادة الاعتبار للحق في السكن الكريم كأحد الحقوق الدستورية الأساسية كما يناشدون المجالس المنتخبة الانخراط في مشاريع تنموية حقيقية تعيد للحي توازنه العمراني والاجتماعي والاقتصادي.
إن استمرار هذا الوضع لن يؤدي سوى إلى مزيد من الفوارق الطبقية وتفاقم أزمة الثقة بين المواطن والمؤسسات فتيليلا اليوم ليست سوى مرآة تعكس أزمة وطنية أعمق عنوانها الواضح: عندما يتحول السكن من حق أساسي إلى سلعة في يد المافيا يضيع المواطن وتنهار العدالة المجالية.