“مدرسة بلا طريق”.. فشل منظومة النقل بأكادير يهدد حق طلبة مدينة المهن والكفاءات في التعليم
بقلم: أمين الكردودي
في قلب جهة سوس ماسة وتحديدًا بجماعة الدراركة شرق أكادير تتجدد معاناة طلبة مدينة المهن والكفاءات مع كل موسم دراسي لتعيد إلى الواجهة سؤالًا مؤلمًا: كيف يمكن الحديث عن تكوين مهني عصري وتنمية بشرية في ظل غياب أبسط مقوماتها وهو الحق في النقل؟
منذ افتتاح المؤسسة التي كان يُعوَّل عليها لتكون نموذجًا في تكوين شباب الجهة وتأهيلهم لسوق الشغل يعيش المئات من الطلبة معاناة يومية مرهقة في سبيل الوصول إلى قاعات الدراسة فندرة الحافلات وضعف الربط بين أحياء أكادير وضواحيها جعلت من التنقل إلى المؤسسة معركة يومية حقيقية يتحمل فيها الطلبة كلفة الإهمال وسوء التدبير.
الواقع اليوم يقول إن الخطوط المخصصة للمؤسسة لا تتجاوز خطين رئيسيين أحدهما يربطها بحي السلام والآخر بمدينة إنزكان أما القادمون من أحياء أخرى كـالحي المحمدي وأولاد تايمة وأيت ملول والجيش الملكي فيجدون أنفسهم مجبرين على التنقل المزدوج أو الثلاثي ما يضاعف التكاليف والإرهاق ويجعل الوصول في الوقت المحدد ضربًا من الحظ كثيرون منهم يلجؤون إلى حلول محفوفة بالمخاطر مثل “الأوطوستوب” أو السير لمسافات طويلة في طرق هامشية معرضين أنفسهم للخطر فقط لأن الدولة عجزت عن توفير وسيلة نقل تحفظ كرامتهم.
هذه الأزمة ليست جديدة بل تمتد لسنوات والنداءات الطلابية تتكرر موسمًا بعد آخر دون أن تجد آذانًا صاغية فقد وجه الطلبة شكاوى وبيانات واحتجاجات إلى مختلف الجهات المعنية بقطاع النقل غير أن الرد الرسمي ظل هو ذاته: صمت مطبق ووعود معلقة وفي المقابل يواصل المسؤولون الظهور في الندوات واللقاءات الرسمية التي تُرفع فيها الشعارات حول “تجويد التكوين المهني” و“تيسير ولوج الشباب لسوق الشغل” وكأنهم يعيشون في مدينة غير التي يعاني فيها الطلبة يوميًا الأمرّين للوصول إلى قاعات الدرس.
ما يحدث في مدينة المهن والكفاءات ليس مجرد خلل في النقل بل هو مرآة تعكس فشلًا أعمق في تدبير المرافق العمومية بجهة سوس ماسة وعجزًا في التنسيق بين المؤسسات الجهوية والمنتخبة لضمان خدمات أساسية للمواطنين كيف يمكن الحديث عن تنمية جهوية متوازنة في وقت يعجز فيه الطلبة عن التنقل إلى مؤسسة تُفترض أن تكون رافعة لهذه التنمية؟
إن الحق في النقل ليس ترفًا بل هو حق دستوري وأساس للحق في التعليم والعمل والمواطنة الكاملة وما يعيشه طلبة مدينة المهن والكفاءات اليوم هو انتهاك صريح لهذا الحق وتعبير عن غياب رؤية استراتيجية لدى المسؤولين القائمين على تدبير الشأن المحلي فمن غير المقبول أن تُنفق الملايير على بناء مؤسسات للتكوين دون التفكير في كيفية وصول الطلبة إليها.
اليوم، يجدد الطلبة نداءهم لا طلبًا لامتياز بل دفاعًا عن حقهم البسيط في التنقل بكرامة نحو مؤسستهم إنهم يدعون السلطات المحلية والجهوية ومجلس جهة سوس ماسة والمجالس المنتخبة إلى التحرك العاجل لإحداث خطوط نقل جديدة ومباشرة تربط المؤسسة بمختلف أحياء أكادير وإنزكان وآيت ملول وأولاد تايمة.
فالصمت لم يعد مقبولًا واستمرار هذا الوضع لا يهدد فقط المسار الدراسي لهؤلاء الشباب بل يضع مصداقية الخطاب الرسمي حول “إصلاح التكوين المهني” و“النموذج التنموي الجديد” على المحك فكيف لمغرب المستقبل أن يُبنى إن كان طلبته يُحرمون من أبسط حقوقهم في طريق العلم؟