لوبيات السكن الاجتماعي بأكادير... الإعلانات الوهمية وسرقة أحلام الفقراء

٢٣ أكتوبر ٢٠٢٥

بقلم: أمين الكردودي
23 أكتوبر 2025

تعيش مدينة أكادير منذ سنوات على وقع أزمة سكن خانقة تتفاقم يومًا بعد يوم في ظل غياب حلول واقعية وفعّالة من الجهات المعنية ومع تصاعد معاناة الأسر محدودة الدخل ظهر نوع جديد من الاستغلال الممنهج تمارسه بعض الجهات التي يمكن وصفها بـ"لوبيات السكن الاجتماعي" والتي حوّلت هذا القطاع الإنساني إلى سوق مربحة تُباع فيها الأوهام تحت غطاء الإعلانات “المغرية”.

فقد تفاجأ الرأي العام المحلي مؤخرًا بانتشار عدة صفحات إشهارية على مواقع التواصل الاجتماعي تدّعي تسويق شقق بأسعار “استثنائية” وفي مواقع “استراتيجية" ما أثار فضول الباحثين عن مأوى كريم. غير أن الحلم سرعان ما يتحول إلى كابوس إذ يُصدم المواطنون عند محاولتهم التواصل مع الأرقام المعلنة، حيث لا أحد يجيب أو تختفي الصفحات بشكل مريب بعد أيام قليلة من إطلاقها.
هذه الممارسات المشبوهة ليست سوى واجهة لعمليات نصب متقنة تُتاجر بأحلام الفئات الهشة وتستغل أزمة السكن لتحقيق أرباح غير مشروعة.

السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: أين هي الجهات الوصية على قطاع الإسكان من كل هذا العبث؟ وكيف تُترك هذه الإعلانات تنتشر دون رقابة أو متابعة قانونية؟
إن غياب المراقبة وارتخاء قبضة القانون يفتح الباب واسعًا أمام لوبيات قوية تتحكم في سوق العقار بأكادير وتضرب في العمق فلسفة “السكن الاجتماعي” التي أرادها جلالة الملك محمد السادس نصره الله مشروعًا وطنيًا لتأمين السكن الكريم للمواطنين من ذوي الدخل المحدود.

وتزداد المفارقة غرابة حين نرى أن بعض هذه الإعلانات تروّج لشقق لا تتجاوز مساحتها 50 مترًا مربعًا بأسعار تصل إلى 36 مليون سنتيم وكأن أكادير مدينة خارج القانون، تُفرض فيها تسعيرات لا تخضع لأي منطق اقتصادي ولا اجتماعي في وقت تظل فيه مدن أخرى تستفيد من مشاريع سكنية مدعّمة في إطار نفس البرنامج الوطني.

المؤسف أن ملف العقار في أكادير ليس جديدًا فقد سبق لعدة منابر إعلامية أن دقت ناقوس الخطر بشأن الفوضى والاحتكار، لكن دون أن يتحرك أحد. والسؤال الذي بات يردده الشارع المحلي: هل هناك أيادٍ نافذة تقف وراء هذه اللوبيات وتمنحها غطاءً غير معلن؟
وإن صح ذلك، فالأمر يتجاوز مجرد إعلانات وهمية إلى شبكات منظمة تضرب في العمق ثقة المواطن في مؤسساته وتعبث بمبدأ تكافؤ الفرص.

إن استمرار هذا الوضع دون تدخل حازم يشكل خطرًا حقيقيًا على السلم الاجتماعي ويقوض أسس العدالة المجالية التي تنادي بها الدولة. لذلك فإن المطلوب اليوم تحقيقات ميدانية عاجلة من قبل وزارة الإسكان والسلطات الترابية لتحديد هوية الجهات التي تتلاعب بأحلام المواطنين وفرض رقابة صارمة على كل ما يُنشر في المنصات الرقمية تحت غطاء "السكن الاجتماعي".

نداء إلى الحكومة والجهات الوصية

آن الأوان لوقف هذا النزيف.
آن الأوان لتتحرك الحكومة ووزارة إعداد التراب الوطني والإسكان ومعها السلطات المحلية بأكادير لإيقاف هذا العبث الذي يُهين المواطن ويُفرغ البرامج الملكية من مضمونها الاجتماعي.
فالسكن ليس امتيازًا يُباع بالمضاربة بل حق دستوري وإنساني يجب أن يُصان.
وأكادير اليوم لا تحتاج إلى صفحات وهمية ولا إلى وعود كاذبة بل إلى إرادة سياسية قوية تعيد الثقة وتُنصف المواطن البسيط الذي يحلم فقط بسقف آمن فوق رأسه.