لوبي"الطاكسي الصغير" بأكادير... احتكار النقل وإهانة لكرامة المواطن في مدينة تستعد لاستقبال المونديال
🖋️ بقلم: أمين الكردودي
بينما تستعد مدينة أكادير لاحتضان مباريات كأس العالم 2030 وتطمح إلى تقديم نفسها كوجهة سياحية عالمية يعيش قطاع النقل الحضري بالمدينة حالة من الفوضى المزمنة التي تُسيء إلى سمعتها وتثقل كاهل سكانها في ظل تحكم “لوبي الطاكسي الصغير” الذي جعل من النقل العمومي مجالًا مغلقًا يخضع لمنطق المصالح الضيقة بدل المصلحة العامة.
فما كان من المفترض أن يكون خدمة عمومية متاحة للجميع تحوّل إلى نظام احتكاري تتحكم فيه أطراف نافذة تفرض تسعيراتها الخاصة وتحدد خريطة تحركاتها دون حسيب أو رقيب. إذ باتت سيارات الأجرة الصغيرة تحتكر عدداً من الأحياء الراقية وتمنع سيارات الأجرة الكبيرة من ولوجها في خرق صارخ لمبدأ المساواة في الولوج إلى الخدمات العمومية بينما يبقى المواطن البسيط الضحية الأولى لهذا العبث.
المشهد اليوم في أكادير بات مألوفًا: طوابير انتظار طويلة امتناع عن نقل أكثر من راكب واحد رفض الاتجاه نحو وجهات قريبة وتسعيرات تتجاوز المنطق إذ يبدأ ثمن الرحلة داخل المدار الحضري من 30 درهمًا وقد يصل إلى 40 درهمًا أو أكثر حسب “مزاج” السائق أو العداد الذي لا يتوقف . تسعيرات غير مبررة ولا تخضع لأي مراقبة حقيقية في وقت تعيش فيه فئات واسعة من المواطنين ظروفًا اقتصادية صعبة.
ورغم أن مدنًا مغربية كبرى مثل الدار البيضاء والرباط وطنجة نجحت في بناء منظومات نقل حضرية حديثة ومنظمة — تجمع بين الطاكسيات والحافلات والترامواي — إلا أن أكادير ما تزال رهينة فوضى النقل الفردي دون رؤية استراتيجية أو حلول بديلة تليق بمدينة سياحية من هذا الحجم.
الأدهى من ذلك أن بعض سيارات الأجرة الصغيرة تُستغل وهي في حالة ميكانيكية متردية وسائقون يسيئون بلباسهم وسلوكهم لصورة المدينة أمام زوارها ما يطرح علامات استفهام حول فعالية مراقبة "رخص الثقة" التي يُفترض أن تمنح للأجدر بخدمة المواطن لا لمن يستخف به.
وفي مقابل هذا الواقع المؤلم يُطرح سؤال الإعلام المحلي بإلحاح:
أين هم من نقل معاناة المواطنين اليومية؟
فباستثناء بعض الأصوات الحرة القليلة اختار معظم المنابر الإعلامية بأكادير الصمت أو التطبيل مصوّرين المدينة وكأنها “المدينة المثالية” متجاهلين فوضى النقل واحتكار اللوبيات لمعاش الناس وكرامتهم.
أما السلطات الوصية من والي جهة سوس ماسة السيد سعيد أمزازي إلى وزير النقل واللوجستيك السيد محمد عبد الجليل فعليهم أن يجيبوا على سؤال واحد بسيط:
كيف يُعقل أن تبقى عاصمة سوس ماسة وهي إحدى أهم المدن السياحية بالمغرب دون منظومة نقل حضرية عادلة ومنظمة؟
لقد آن الأوان لفتح تحقيق شامل وجاد في ممارسات لوبيات النقل بأكادير ومساءلة كل من يساهم في تكريس هذا الوضع المختل وتمكين سيارات الأجرة الكبيرة من حرية التنقل داخل جميع الأحياء لتوفير بدائل حقيقية للمواطنين إلى جانب إطلاق منظومة نقل جماعية حديثة تراعي كرامة المواطن وتستجيب لتطلعات التنمية.
فالنقل الحضري ليس رفاهية، بل حق أساسي وركيزة من ركائز العدالة الاجتماعية والمجالية ومن المعيب أن تظل مدينة بحجم أكادير رهينة مصالح ضيقة وفوضى نقل تُفرغ الشعارات من مضمونها.
فهل تتحرك السلطات قبل أن تتحول أزمة النقل إلى أزمة ثقة بين المواطن ومؤسساته؟