الأستاذ الحسن فتوخ… ثماني سنوات من الانتظار بين البيروقراطية وتجاهل توصيات مؤسسة الوسيط

٣ نوفمبر ٢٠٢٥

🖋️ بقلم: أمين الكردودي

منذ أكثر من ثماني سنوات، يعيش الأستاذ الحسن فتوخ معاناة إدارية غير مبررة داخل وزارة التربية الوطنية، رغم وضوح القانون وصراحة النصوص التنظيمية، ورغم صدور توصية رسمية من مؤسسة الوسيط بتاريخ 29 دجنبر 2023 تدعو صراحة إلى تسوية وضعيته المهنية.
قضية الأستاذ فتوخ ليست مجرد ملف إداري عالق، بل قصة صبر ومقاومة قانونية تسلط الضوء على أحد مظاهر البطء الإداري داخل المنظومة التربوية.

تعود تفاصيل القضية إلى سنوات مضت حين طالب الأستاذ فتوخ، وهو أستاذ التعليم الإعدادي من الدرجة الأولى، بتغيير إطاره إلى أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي بعد استيفائه الشروط القانونية اللازمة. وبعد مسار طويل من المراسلات والمطالبة بالحق، وافقت الوزارة على هذا التغيير، غير أن المفاجأة كانت في عدم تفعيل التسويات القانونية اللاحقة، وعلى رأسها مقتضى المادة 115 مكررة التي تنص على منح سنتين اعتباريتين تحتسبان في مسار الترقية إلى الدرجة الممتازة.

يؤكد الأستاذ فتوخ أن هذا التأخير الإداري حرمه من عدة حقوق مهنية، من بينها المشاركة في مباراة التفتيش، كما أضاع عليه فرصاً مشروعة في الترقية وتطوير مساره المهني. ويضيف قائلاً:

> "أنا لا أطالب بشيء خارج القانون، كل ما أريده هو تطبيق المادة 115 مكررة كما هي. تبرير الوزارة بأن الاستفادة من السنتين الاعتباريتين مرتبطة بمباراة التخرج تفسير غير صحيح، والمشكل الحقيقي في من يُفترض أن يطبق النص القانوني لا في النص نفسه."

طيلة هذه السنوات، وجه الأستاذ فتوخ عشرات المراسلات إلى المديرية المركزية للموارد البشرية وإلى مختلف المصالح الإدارية، كما راسل النقابات والأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، دون أن يتلقى سوى تطمينات شفوية لم تُترجم إلى أي إجراء ملموس. هذا الصمت الإداري الطويل دفعه إلى اللجوء إلى مؤسسة الوسيط التي درست الملف وأصدرت توصية رسمية بتاريخ 29 دجنبر 2023، أكدت فيها ضرورة تسوية وضعيته الإدارية والمهنية في أقرب الآجال، معتبرة أن التأخير يتعارض مع مبادئ الإنصاف والمساواة أمام الإدارة.

ورغم مرور قرابة عام على صدور هذه التوصية، فإن الوزارة الوصية لم تبادر بعد لم تبادر إلى تنفيد مانتج عن التوصية (قرار تغيير الإطار) بكل مواده ، في تجاهل واضح لوثيقة صادرة عن مؤسسة دستورية تمثل إحدى ركائز الحكامة الإدارية في المغرب. هذا التجاهل يطرح تساؤلات عميقة حول مدى التزام الوزارة بتفعيل التوصيات الدستورية واحترام مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وفي تعليق على القضية، صرح الأستاذ أوحسين عبد الصادق، عضو المنسقية الجهوية للجامعة الحرة للتعليم بسوس ماسة، أن النقابة تتبنى ملف الأستاذ فتوخ بشكل كامل، معتبراً أن القضية تمثل نموذجاً للتماطل الإداري الذي يعاني منه عدد من رجال التعليم. وقال:

> "الجامعة الحرة للتعليم تتابع هذا الملف باهتمام، وستواصل الضغط على الوزارة لتطبيق القانون وتنفيذ توصية مؤسسة الوسيط. لا يمكن أن يبقى موظف في وضعية انتظار لأكثر من ثماني سنوات في دولة ينص دستورها على الحكامة الجيدة والعدالة الإدارية."

ورغم ما خلفه هذا الوضع من إحباط وإرهاق نفسي ومهني، يؤكد الأستاذ فتوخ أنه ماضٍ في الدفاع عن حقه بكل الوسائل المشروعة، قائلاً:

> "لن أتنازل عن حقي، وسألجأ إلى كل المساطر القانونية التي يتيحها الدستور المغربي. لا يمكن أن يبقى الحيف الإداري قدراً مفروضاً على من يطالب بتطبيق القانون."

قضية الأستاذ الحسن فتوخ تلخص بوضوح معاناة موظف اختار أن يسلك طريق القانون فوجد نفسه عالقاً في دهاليز البيروقراطية. إنها قضية لا تختزل فقط مساراً شخصياً من الانتظار، بل تعكس خللاً بنيوياً في الممارسة الإدارية، حين يصبح تنفيذ توصية مؤسسة دستورية أمراً مؤجلاً إلى أجل غير مسمى.
وإذا كانت الحكامة الإدارية عنواناً لإصلاح الدولة، فإن إنصاف الأستاذ فتوخ اليوم سيكون اختباراً حقيقياً لمصداقية هذا الشعار، وفرصة لإعادة الثقة بين الإدارة والمواطن الذي لم يطلب سوى حقه المشروع.