الرسالة الملكية السامية... دعامة لترسيخ ثقافة حقوق الإنسان في مغرب المسؤولية والمواطنة
بقلم: عزيز الوز
في مناسبة تخليد الذكرى السبعين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، صدحت الرسالة الملكية السامية بتوجيهات سامقة تعبّر عن عمق الرؤية الملكية الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، في سبيل ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان كثقافة مجتمعية راسخة، لا شعارًا مناسباتيًا.
وقد دعا جلالته، حفظه الله، في هذه الرسالة المعبّرة، جميع المؤسسات والهيئات المعنية إلى مواصلة الجهود من أجل القيام بدورها في الدفاع عن حقوق الإنسان في أبعادها الشمولية، ونشرها ثقافة وممارسة، في نطاق الالتزام بروح المسؤولية والمواطنة التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق والحريات بأداء الواجبات.
إنها دعوة ملكية سامية تُجسّد بوضوح الإرادة الراسخة لبناء مغرب متوازن، يُزاوج بين التمتع بالحقوق وتحمل المسؤوليات، ويُعطي لمفهوم المواطنة مدلوله العملي في السلوك اليومي للأفراد والمؤسسات على حد سواء.
ولعل ما يبعث على الاطمئنان والفخر، هو أن هذه التوجيهات الملكية ليست جديدة في فكر جلالة الملك محمد السادس، بل تُمثل استمرارية لنهج قويم دأب عليه منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين. فقد كان تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة لحظة فارقة في تاريخ المغرب الحقوقي، رسخت لثقافة الاعتراف والمصالحة، وفتحت آفاقًا جديدة للعدالة الانتقالية في محيط إقليمي قلّ نظيره.
كما أن دستور 2011 جاء ليترجم هذه الإرادة الملكية إلى نصوص ومؤسسات، ضامناً الحقوق والحريات، ومُعزّزًا استقلالية هيئات الحكامة وحقوق الإنسان، في انسجام تام مع المبادئ الكونية ومع الخصوصية المغربية الأصيلة.
إن الرسالة الملكية السامية لا تخاطب فقط المؤسسات، بل توجه نداءً صريحًا إلى كل فرد في هذا الوطن العزيز ليكون شريكًا في الدفاع عن الكرامة الإنسانية، وإشاعة قيم الاحترام والتسامح والمواطنة الفاعلة. فهي مرجع أخلاقي وقانوني يُعيد الاعتبار للإنسان كجوهر لكل تنمية وعدالة وتقدم.
وفي زمن تتسارع فيه التحولات وتتعاظم فيه التحديات، تبقى هذه الرسالة بمثابة بوصلة وطنية ترشد الفاعلين والمؤسسات إلى الطريق القويم، طريق بناء مغرب قوي بحقوقه، فخور بمواطنيه، ومؤمن بمستقبله.