النقل المزدوج بالقليعة.. بين استهتار السائقين ومعاناة المواطن البسيط
بقلم: أمين الكردودي
لم يعد مشهد معاناة المواطنين في القليعة أثناء تنقلهم اليومي أمرًا خفيًّا أو عابرًا بل صار جزءًا من روتين مؤلم يختبر فيه المواطن صبره كل صباح ومساء. فالنقل المزدوج أو ما يُعرف بـ"التالكارت" تحوّل من وسيلة لتسهيل التنقل إلى مصدر معاناة متجددة بسبب فوضى التسيير وغياب الحسّ بالخدمة العمومية لدى بعض السائقين الذين تناسوا أن مقعد القيادة مسؤولية قبل أن يكون مهنة.
يستفزّ المارة والركاب على حد سواء مشهد بعض السائقين وهم يشغلون موسيقى منحطة تخدش الذوق العام وتسيء إلى صورة النقل العمومي الذي يُفترض أن يكون فضاءً محترمًا وآمنًا للجميع. فحين يقرر سائق أن يفرض ذوقه الموسيقي المنحرف على ركابه فإنه يتجاهل أبسط قواعد اللياقة المهنية وينسى أن السيارة ليست ملكه الخاص أثناء الخدمة، بل هي ملك للرحلة وملك للزبون الذي يؤدي الأجرة مقابل راحته واحترامه.
لكنّ الأمر لا يقف عند حدود السلوك الفردي، بل يتجاوزه إلى فوضى عامة يعيشها القطاع بسبب غياب الرقابة وضعف تدخل الجهات المسؤولة. فقد أصبحت تسعيرة النقل المزدوج بالقليعة تتراوح بين 5 و8 دراهم في حين أن التسعيرة القانونية لا تتجاوز 3.5 دراهم. هذا الارتفاع غير المبرر يأتي في ظل صمت مريب من السلطات المحلية والجهوية، وفي مقدمتها ولاية جهة سوس ماسة التي يفترض أن تكون الحامية الأولى لحقوق المواطنين وضامنة لتطبيق القانون.
إنّ ما يجري اليوم في القليعة ليس سوى انعكاس لفشل المنظومة المحلية في ضبط قطاع النقل وتركه رهينة لممارسات "الشناقة" ولوبيات تبحث عن الربح السريع على حساب جيوب المواطنين. وهو واقع يتنافى تمامًا مع التوجيهات الملكية السامية التي ما فتئت تؤكد على ضرورة تحسين جودة الخدمات العمومية وجعل المواطن في صلب الاهتمام.
ولعلّ السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: أين هو دور السيد والي جهة سوس ماسة سعيد أمزازي من كل ما يحدث؟
رغم ما يُعرف عنه من انخراط في المشاريع التنموية وتنفيذ الرؤية الملكية إلا أن غياب التفاعل الميداني مع ما يعرفه قطاع النقل بالقليعة يثير الاستغراب. فالوضع لم يعد يحتمل الانتظار أو التسويف والمواطن اليوم بحاجة إلى قرارات حازمة تُعيد الانضباط لهذا القطاع الحيوي، وتضع حدًّا لاستغلال الضعفاء.
لقد آن الأوان لإيقاف عبث بعض لوبيات النقل التي تتربح من معاناة الناس، وإعادة الاعتبار لحق المواطن في تنقل آمن ومحترم فذلك ليس امتيازًا يُمنح بل حقٌّ مشروع في دولة الحق والقانون تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي جعل من كرامة المواطن أساس كل إصلاح وتنمية.