المواطن أساس الإصلاح… أكادير نموذجًا

٦ نوفمبر ٢٠٢٥

بقلم: أمين الكردودي

في كل المجتمعات الطامحة إلى التقدم يظل المواطن هو حجر الزاوية في أي مشروع إصلاحي حقيقي فلا يمكن الحديث عن إصلاح ناجع أو تنمية شاملة إذا تم إقصاء المواطن من المعادلة أو اعتُبر مجرد متفرج على ما يُخطط له في الكواليس.
فالإصلاح يبدأ من الإنسان ومن واقع حياته اليومية لا من الصور الدعائية ولا من المهرجانات الموسمية.

في مدينة أكادير يظهر هذا التناقض بوضوح فبينما تُروَّج عبر الإعلام مشاريع ضخمة وبرامج تنموية واعدة يعيش المواطن البسيط واقعًا مختلفًا تمامًا واقعًا يتجلى في ضعف الخدمات الصحية وتدني النقل العمومي وتراجع جودة التعليم وندرة فرص الشغل وغلاء العقار والمعيشة.
أكادير المدينة التي تملك مؤهلات اقتصادية وسياحية كبيرة كان يفترض أن تكون نموذجًا في التنمية المحلية لكنها ما تزال تعاني من غياب رؤية حقيقية تضع المواطن في صلب الإصلاح.

لقد أصبحت البهرجة الإعلامية عنوانًا لمرحلة تتغلب فيها الصورة على المضمون مشاريع تُدشن وعدسات تُسلط لكن الأثر لا يصل إلى المواطن. فما جدوى دعم المهرجانات والأفلام والجمعيات إن كان المواطن لا يجد مكانًا ليتلقى فيه علاجًا كريمًا أو وسيلة نقل تحفظ كرامته أو فرصة شغل تضمن له حياة مستقرة؟
إن الأموال التي تُصرف سنويًا على هذه التظاهرات الفنية والثقافية مهما كانت نواياها لا تخدم إلا فئات محدودة بينما تبقى الفئات الواسعة من المواطنين على هامش الفعل التنموي.

الإصلاح الحقيقي لا يحتاج إلى ضجيج ولا إلى وعود بل إلى صدق وإرادة ونزاهة يحتاج إلى مسؤولين يضعون المواطن فوق كل اعتبار ويدركون أن التنمية ليست في المظاهر بل في تحسين جودة الحياة اليومية للناس.
حين يُعاد الاعتبار للمدرسة العمومية وتُجهز المستشفيات وتُفتح المصانع وتُنظم الأسواق العصرية وتُراقب الأسعار حينها فقط يمكن القول إن الإصلاح قد بدأ فعلاً.

إن المواطن هو الركيزة الأولى والأخيرة لأي إصلاح فهو من يدفع الضرائب وهو من يعيش نتائج السياسات العامة وهو الأحق بأن تُصرف لأجله ميزانيات التنمية أما حين يُغيب من الحسابات فإن أي حديث عن الإصلاح لا يعدو أن يكون مجرد وهم جميل.

لقد آن الأوان لأن تُبنى أكادير للمواطن لا على حسابه.
فبدون إنسان حر واعٍ ومشارك لن يكون هناك إصلاح ولن يكون هناك مستقبل يليق بهذه المدينة التي تستحق أن تكون في مقدمة المدن المغربية، لا في ذيلها.