الملك العمومي بين "السيبة" وغياب السلطة المحلية... شارع الاستقلال بالصويرة نموذجاً صارخاً 25/10/2025
بقلم: أمين الكردودي
في قلب مدينة الصويرة وتحديداً بشارع الاستقلال المعروف لدى الساكنة باسم "الحدادة" تتجلى واحدة من أبرز صور الفوضى الحضرية وغياب سلطة المراقبة المحلية. فالرصيف الذي خُصص في الأصل لمرور المواطنين بأمان تحوّل اليوم إلى فضاء خاص يحتله أصحاب المقاهي بشكل شبه كامل في تحدٍّ صارخ للقانون ووسط صمت مريب من السلطات المعنية.
المشهد اليومي هناك يختصر حالة "السيبة" التي باتت تهيمن على استغلال الملك العمومي حيث تجد المارة مضطرين للسير وسط الطريق المخصص للسيارات لتفادي الطاولات والكراسي المنتشرة على الأرصفة. مشهد لا يليق بمدينة سياحية تُقدّم نفسها كفضاءٍ للانفتاح والنظام والعيش المشترك.
ما يثير الاستغراب أكثر هو غياب أي تدخل حازم من قبل السلطات المحلية رغم وضوح النصوص القانونية التي تُجرّم احتلال الملك العمومي دون ترخيص. فالقانون واضح: لا يحق لأي جهة أو فرد أن يستغلّ فضاءً عمومياً دون سند قانوني والسلطة المحلية مُلزمة بفرض النظام وحماية المجال العمومي من أي تجاوز.
لكن الواقع يشي بعكس ذلك فسياسة "غضّ العين" التي تمارسها بعض الجهات سواء عن قصد أو تقصير خلقت وضعاً شاذاً يُكرّس اللامساواة ويُهين كرامة المواطن البسيط الذي أصبح مهدداً في أبسط حقوقه وهو حقّ المرور الآمن على الرصيف.
إن ما يحدث في شارع الاستقلال بالصويرة ليس حالة معزولة بل هو جزء من ظاهرة أوسع تعاني منها عدة مدن مغربية حيث يُختزل مفهوم التنمية في التزيين الظاهري بينما يُترك الملك العمومي فريسة للفوضى والمصالح الضيقة.
إنقاذ الفضاء العام من قبضة "السيبة" لا يحتاج إلى شعارات جديدة بل إلى إرادة حقيقية لتطبيق القانون وإلى سلطة محلية تتحمل مسؤوليتها كاملة في فرض النظام وصون حقوق المواطنين لأن المدينة التي تُفرّط في رصيفها تُفرّط في هيبتها قبل كل شيء