الدراركة… حين تسقط أول قطرة مطر ينكشف المستور ويغرق المجلس الجماعي في وحل فشله
بقلم: أمين الكردودي
في كل مرة تهطل فيها الأمطار على أكادير تتحول الدراركة إلى مسرح فاضح يكشف هشاشة البنية التحتية وعمق الإهمال الذي يطبع تسيير المنطقة. شوارع تغرق منازل تتضرر طرق تتحول إلى برك آسنة ومواطنون يصارعون لوحدهم نتائج سوء التدبير بينما المجلس الجماعي يكتفي بالظهور في الندوات والتقاط الصور وسط ديكور “التنمية الوهمية” التي لا يراها أحد على أرض الواقع.
الدراركة ليست منطقة نائية ولا خارج الخارطة بل جماعة حضرية تُحكم من مجلس يملك الصلاحيات والإمكانيات ويتحدث ليلًا ونهارًا عن “الإنجازات” لكن الحقيقة المرة واضحة: لا بنية تحتية لا تصريف مياه لا طرق مؤهلة ولا رؤية للتنمية كل ما يوجد هو فوضى عمرانية ودوارٌ يبتلعه التهميش ولوبيات سكن تستفيد بينما السكان لا يحصلون إلا على المعاناة.
إنّ أول اختبار حقيقي لأي مجلس هو قدرته على حماية المواطنين عند أول طارئ مناخي لكن المجلس الجماعي للدراركة ينهار قبل أن تنهار الطرق مكاتب مكيفة اجتماعات مطولة ندوات ترويجية وبلاغات تلميع… أمّا الواقع فيصرخ بأن المنطقة تُدار بعقلية الارتجال والتهميش.
لا يعقل أن منطقة تضم آلاف السكان وتجاور مدينة سياحية كبرى مثل أكادير تُترك بهذه الطريقة المخزية كلما هطلت أمطار عادية فبالأحرى إذا كانت غزيرة غياب الصرف الصحي ليس مجرد خطأ تقني بل دليل على فشل مؤسساتي مزمن وغياب محاسبة حقيقية فكيف يُعقل أن تُصرف الملايين على مشاريع تجميلية وصورية بينما لا يستطيع المواطن السير في شارع دون أن يغرق في الوحل؟
الأغرب من ذلك أن الجهات الوصية رغم علمها المتكرر بالكارثة لا تحرك ساكنًا التقارير تُرفع الشكايات تُقدم والصور تنتشر لكن «لا حياة لمن تنادي». صمت رسمي يعكس قطيعة خطيرة بين المواطن ومؤسسات الدولة ويُحوّل معاناة السكان إلى مجرد مشاهد موسمية تتكرر بلا نهاية.
وبات واضحًا أن المجلس الجماعي يعيش في عالم آخر عالم من الأضواء والتصريحات والمبادرات التي لا يعرفها إلا في الكاميرات أما الدراركة الحقيقية تلك التي يعيش فيها المواطن فقد تُركت نهبًا للإهمال ولتدبير لا علاقة له بالمسؤولية ولا بالبرامج الحكومية ولا حتى بروح الخُطب الملكية التي تشدد على ربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الريع واستغلال المناصب.
فمن غير المقبول أن يعيش مسؤول في مستوى رفاهية مفرطة بينما المواطن الذي منحه الثقة يناضل من أجل أبسط الحقوق: طريق صالحة قنطرة آمنة حي غير غارق هذه المفارقة ليست مجرد فساد أخلاقي بل خلل خطير في مفهوم الخدمة العمومية.
إن ما يحدث اليوم في الدراركة لم يعد مجرد تقصير بل فضيحة تنموية يجب أن تهز الرأي العام لأن المنطقة لا تحتاج وعودًا جديدة ولا حملات تجميلية بل قرارات جريئة ومحاسبة صريحة لكل من حول المصلحة العامة إلى وسيلة للارتقاء الشخصي.
الدراركة تستحق مجلسًا يخدمها لا مجلسًا يستغلها.
تستحق مسؤولين يسمعون صراخ المواطنين لا مسؤولين يسعون فقط للظهور الإعلامي.
لقد حان الوقت لإعادة الاعتبار لهذه الجماعة المنسية ووضع حد لمنطق اللامبالاة الذي يغرقها كلما أمطرت السماء.
وحان الوقت أيضًا لصوت المواطن أن يصل… وأن يُسمع.