أكادير مع قرب المونديال .. مدينة بلا سكن! لوبيات العقار تخنق الفقراء وتطفئ حلم السكن الاجتماعي
✍️بقلم : أمين الكردودي
تعيش مدينة أكادير مفارقة مؤلمة بين صورة مدينة تتزين بالمشاريع الكبرى والبنية التحتية الحديثة وواقع اجتماعي يزداد قتامة بفعل أزمة السكن الخانقة التي تضرب مختلف فئاتها خصوصاً الطبقة الفقيرة والمتوسطة. في أكادير اليوم السكن لم يعد حقاً بل امتيازاً لا يُمنح إلا لمن يملك مفاتيح المال أو النفوذ.
من يتجول في أحياء أكادير يلمس حجم التحول العمراني الذي تعرفه المدينة لكن خلف واجهات الإسمنت اللامعة تختبئ معاناة آلاف الأسر التي وجدت نفسها خارج السوق العقارية تماماً أسعار الشقق وصلت إلى مستويات خيالية والكراء أصبح عبئاً يومياً لا يطاق فالعائلات محدودة الدخل لم تعد قادرة على كراء غرفة صغيرة أما حلم التملك فقد أصبح من الماضي.
الكل يتساءل اليوم عن الأسباب الحقيقية وراء غياب السكن الاجتماعي بالمدينة وعن الجهة التي تعرقل المشاريع التي كانت موجهة للفئات الضعيفة فبعد أن بشّر البرنامج الوطني الشهير "200 ألف سكن" المغاربة بسكن لائق وبأسعار مناسبة توقفت المشاريع المخصصة لأكادير بشكل غامض رغم الطلب الهائل على هذا النوع من السكن بل إن بعض الأراضي التي كانت موجهة للسكن الاجتماعي تحولت بقدرة قادر إلى مشاريع فاخرة موجهة للأثرياء مما أثار شبهات حول استحواذ غامض على الوعاء العقاري المخصص للفقراء.
في كواليس العقار بأكادير يتحدث المهنيون عن لوبي قوي يتحكم في مسار السوق ويضغط لتجميد مشاريع السكن الاجتماعي حفاظاً على الأسعار المرتفعة هؤلاء وفق مصادر ميدانية يتلاعبون بالأراضي والتراخيص والصفقات فيما يكتفي المواطن البسيط بمشاهدة حلمه يتبخر وسط صمت الجهات الوصية النتيجة واضحة: غلاء خيالي، نزيف استثماري، وهروب المقاولين الجادين نحو مدن أخرى كطنجة ومراكش حيث الشفافية أوضح والمنافسة أنظف.
لم تسلم جامعة ابن زهر من تداعيات الأزمة فطلابها يعيشون معاناة يومية مع الكراء الذي تجاوز الحدود المنطقية غرف ضيقة بأثمنة شقق راقية وسماسرة يستغلون الحاجة والطلب فبين صعوبة إيجاد سكن مناسب وارتفاع الأسعار أصبحت أزمة الكراء في أكادير عنواناً لمعاناة طلابية مستمرة.
توقف برنامج السكن الاجتماعي بعمالة أكادير إدوتنان أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية ودفع نواباً برلمانيين إلى مطالبة الوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري بتوضيحات رسمية حول الأسباب الحقيقية وراء التعطيل هل هو سوء تدبير؟ أم تدخل من لوبيات اقتصادية نافذة؟ أسئلة كثيرة معلقة في انتظار تحقيق نزيه وشجاع يكشف الحقيقة للرأي العام.
تتطور أكادير عمرانياً نعم لكنها تفقد روحها الاجتماعية فما قيمة الأبراج والإقامات الفاخرة إذا كان المواطن البسيط عاجزاً عن تأمين سقف لعائلته؟ المدينة تحتاج إلى سياسة سكنية عادلة وشجاعة تُعيد الاعتبار للطبقة المتوسطة وتضمن كرامة الأسر التي أصبحت مهددة بالإقصاء من مدينتها.
أكادير اليوم أمام منعطف خطير: إما أن تستعيد توازنها الاجتماعي أو تتحول إلى مدينة بلا روح بلا عدالة وبلا فقراء فالحق في السكن ليس مطلباً رفاهياً بل حق دستوري وإنساني يجب أن يُصان قبل أن تتحول أزمة العقار إلى قنبلة اجتماعية صامتة تهدد استقرار المدينة ومستقبلها.