حين يُصبح الصمت شراكة في الباطل – تأملات في واقع جهة سوس ماسة
بقلم: أمين الكردودي
> "يصعب عليك قول الحق إذا كنت مستفيدًا من الباطل وما أكثر الساكتين عن الحق لاستفادتهم من الباطل."
— حكمة روسية لكنها تنطق بلسان حالنا.
في جهة سوس ماسة حيث يتقاطع الجمال الطبيعي مع التعقيدات الاجتماعية والاقتصادية تبدو هذه الحكمة وكأنها وُلدت من رحم الواقع المحلي واقعٌ يختلط فيه الحق بالباطل والإنجاز بالمصلحة والسكوت بالرضا المبطّن.
لقد تحوّل الصمت في بعض الأوساط إلى عملةٍ رائجة وإلى وسيلةٍ للبقاء في "المنطقة الآمنة" منطقةٍ لا تُغضِب أحدًا لكنها في الوقت ذاته تُغضب الضمير فالذين يستفيدون من واقعٍ مختلّ مهما كان اختلاله يصعب أن يرفعوا صوتهم بالإصلاح لأنهم ببساطة جزء من المعادلة التي تنتج الخلل.
في الإدارات وفي بعض الجماعات الترابية وحتى في هيئات يُفترض فيها أن تكون حارسةً للمصلحة العامة نلمس نوعًا من التواطؤ الصامت فبدل أن تكون الكلمة وسيلة للمساءلة تُصبح وسيلةً للمجاملة وبدل أن يُوجَّه السؤال: "لماذا؟" يُقال: "دع الأمور كما هي."
جهة سوس ماسة اليوم لا تعاني من غياب الإمكانيات بل من غياب الجرأة الجرأة في التشخيص في النقد في مواجهة الاختلالات بوضوحٍ ومسؤولية فما جدوى الخطط التنموية إن ظلّ الفساد الصغير يُمارس بعفوية والمحسوبية تُغلف بابتسامةٍ إدارية والحق يُؤجل إلى أجلٍ غير مسمى؟
المشكلة ليست في "قلة الواعين" بل في "كثرة الصامتين" أولئك الذين يعرفون الحقيقة لكنهم يختارون الصمت لأنها تُدرّ عليهم منفعة أو تحمي لهم موقعًا أو تُجنبهم صدامًا غير أن التاريخ لا يرحم الصامتين لأنه يعتبرهم شركاء في صناعة الباطل ولو بصمتهم فقط.
إن قول الحق في وجه الباطل ليس بطولةً استثنائية بل واجبٌ أخلاقيٌّ يوميّ والساكت عن الحق في النهاية لا يحمي نفسه كما يظن بل يُسهم في إضعاف المجتمع الذي يعيش فيه فحين يسود الصمت يتقوّى الفساد وتُهمَّش الكفاءات ويُفقد الإحساس بالانتماء.
ربما آن الأوان في سوس ماسة لأن نُعيد الاعتبار لصوت الحق لا بالشعارات بل بالمواقف أن نكسر دائرة الصمت التي تحوّلت إلى جدارٍ عازل بين المواطن والتنمية بين الواجب والمصلحة بين الحقيقة والرياء.
فمن يستفيد من الباطل، لا يمكن ان يكون حليفا للحق. ومن يصمت
اليوم سيُحاسبه الغد.