دور حقوق الإنسان في المغرب والتطور الذي شهده المغرب في السنوات الأخيرة

١٢ أكتوبر ٢٠٢٥

بقلم: أمين الكردودي

يعيش المغرب في السنوات الأخيرة دينامية غير مسبوقة في مجال حقوق الإنسان تعكس رؤية ملكية واضحة وإرادة وطنية صادقة في ترسيخ مبادئ الكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية. فقد أصبح هذا الورش الإصلاحي أحد أهم أعمدة بناء الدولة الحديثة القائمة على سيادة القانون واحترام الحريات الأساسية والانفتاح على القيم الكونية للإنسانية.

منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله عرش البلاد تم إطلاق مسار إصلاحي متكامل أعاد لحقوق الإنسان مكانتها المركزية في المشروع المجتمعي المغربي. ويعد دستور 2011 محطة مفصلية في هذا المسار حيث نصّ بشكل صريح على سمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطنية وعلى المساواة بين الرجل والمرأة وحرية الرأي والتعبير والحق في المعلومة وضمان العدالة الاجتماعية والبيئية.

كما تم إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة دستورية مستقلة تُعنى بحماية الحقوق والحريات ومواكبة تنفيذ الالتزامات الدولية للمملكة من خلال فروع جهوية تغطي مختلف مناطق البلاد بما يعزز البعد الترابي للحقوق والمواطنة.

وفي الجانب الاجتماعي أطلق المغرب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي شكلت ثورة حقيقية في مقاربة التنمية إذ وضعت الإنسان في صلب السياسات العمومية مستهدفة الحد من الهشاشة ومحاربة الفقر والنهوض بكرامة المواطنين. كما تم تسجيل تقدم ملموس في حقوق المرأة عبر مدونة الأسرة وقوانين مناهضة العنف إلى جانب جهود متواصلة لإدماج الشباب والأشخاص في وضعية إعاقة في الحياة العامة.

أما على المستوى الدولي فقد عزز المغرب حضوره كفاعل مؤثر في الدفاع عن حقوق الإنسان من خلال تعاونه المستمر مع آليات الأمم المتحدة وانخراطه في الدبلوماسية الحقوقية التي تروج لتجربته المتفردة القائمة على التوازن بين الأصالة والحداثة وبين الاستقرار والإصلاح.

ورغم ما تحقق من مكاسب مهمة فإن التحدي القائم اليوم هو تعزيز الممارسة الفعلية للحقوق وضمان العدالة المجالية في الاستفادة منها. ذلك أن بناء ثقافة حقوق الإنسان لا يكتمل إلا من خلال التربية والتكوين والتحسيس والانخراط الجماعي للمؤسسات والمجتمع المدني والإعلام في ترسيخ قيم المواطنة الإيجابية.

إن المسار المغربي في حقوق الإنسان هو مسار متجدد ومتدرج يؤمن بأن الإصلاح لا يتحقق دفعة واحدة بل عبر تراكمات مدروسة تقود نحو نضج مؤسساتي وثقافي. كما أن الانفتاح على النقد والتقييم يشكل إحدى نقاط قوة التجربة المغربية لأنها تنطلق من قناعة راسخة بأن كرامة الإنسان هي أساس التنمية والإنسان هو غاية كل إصلاح ووسيلته.

ختامًا يمكن القول إن المغرب استطاع أن يقدم نموذجًا متوازنًا في محيط إقليمي ودولي متقلب قائمًا على الإصلاح في ظل الاستقرار وعلى حماية الحقوق في إطار احترام الخصوصية الوطنية. وهي تجربة تؤكد أن إرادة الإصلاح حين تقترن بالحكمة والرؤية البعيدة قادرة على أن تجعل من حقوق الإنسان واقعًا ملموسًا في حياة المواطن المغربي.