"دراركة… حين تفضح الأمطارُ الفسادَ وتُسقطُ أقنعةَ مجلسٍ اختار الرفاهية على حساب الشعب"

١٥ نوفمبر ٢٠٢٥

بقلم: أمين الكردودي

لم تكن التساقطات المطرية الأخيرة التي عرفتها منطقة الدراركة مجرد نعمةٍ من نعم السماء بل تحوّلت إلى اختبارٍ قاسٍ كشف المستور وفضح واقعًا مُزريًا ظلّ سكان المنطقة يصرخون به لسنوات دون أن يجد صدى لدى أصحاب القرار الصور والفيديوهات الحصرية التي وصلتنا تُظهر بوضوحٍ طرقاتٍ غارقة في الوحل أزقة تحوّلت إلى بركٍ آسنة وشوارع تشبه لوحات من "الشوكولاطة الذائبة" بسبب انعدام البنية التحتية وكأننا في قرية مهجورة لا في منطقة تُدبّرها مؤسسات منتخبة تتلقى ميزانيات ضخمة من جيوب المواطنين.

المشهد يشي بأن مجلس الدراركة لم يفشل فقط في تدبير الشأن المحلي بل اختار أن يترك المنطقة تغرق حرفيًا ومجازيًا بينما يتمتع أعضاؤه بجلسات الترف والرفاهية وكأنهم معزولون عن معاناة السكان أو كأن الأمر لا يعنيهم من قريب ولا من بعيد لا يظهرون إلا مع اقتراب الحملات الانتخابية حاملين نفس الأسطوانة المشروخة من الوعود الكاذبة التي حفظها المواطن وملّ من سماعها حتى صار فقدان الثقة في المنتخبين قاعدة لا استثناء.

كيف يُعقل أن تتحول كل نقطة مطر إلى كارثة؟ أين الميزانيات؟ أين مشاريع التهيئة؟ أين تقارير المراقبة؟ وكيف يمكن لمجلسٍ ينهب المال العام بلا حسيب ولا رقيب أن يستمر في تجاهل الخطابات الملكية السامية التي تدعو إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ بل والأدهى من ذلك كيف يجرؤ هذا المجلس على تحدي التصريح الأخير لوزير الداخلية الذي شدد فيه على وضع حد للاستهتار وتلاعب بعض المجالس بحقوق المواطنين؟

المثير للاستغراب أن فضيحة بهذا الحجم لم تجد صداها في أغلب المنابر الإعلامية المحلية التي التزمت صمتًا غريبًا وكأن الأمر يتعلق بمنطقة خارج خارطة الوطن إعلامٌ غائبٌ عن دوره الحقيقي في نقل صوت المواطن المقهور في وقتٍ تستعد فيه المملكة لدخول التاريخ من بوابة كأس العالم 2030 وتتجه نحو دولة حديثة تُعلي من شأن الكرامة وجودة الحياة.

الدراركة اليوم تصرخ… لا بسبب المطر بل بسبب التسيّب بسبب العبث بسبب من يعتقدون أن الوطن بلا حسيب ولا رقيب.
والحقيقة أن سكوت المواطنين لم يعد خيارًا وأن فضح الفساد واجب وطني قبل أن يكون عملًا صحفيًا لأن الشعب يستحق أن يعيش في وطنٍ يحترم كرامته لا في منطقة تغرق كلما هطلت بضع قطراتٍ من المطر.

الدراركة ليست مجرد حالة إنها جرس إنذار.
والمطلوب الآن ليس خطابًا جديدًا… بل محاسبة حقيقية عاجلة وصارمة.